فصل: مقدمة البغوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مقدمة البغوي:

قال رحمه الله:
قال الشيخ الإمام الأجلُّ السيد محيي السنة، ناصر الحديث، ركن الدين، أبو محمد الحسين بن مسعود الفرّاء رحمه اللّه.
الحمد للَه ذي العظمة والكبرياء، والعزة والبقاء، والرفعة والعلاء، والمجد والثناء تعالى عن الأنداد والشركاء، وتقدس عن الأمثال والنظراء، والصلاة على نبيه وصفيه محمد خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء، عدد ذرات الثرى، ونجوم السماء، والحمد لله الملك السلام، المؤمن المهيمن العلّام، شارع الأحكام، ذي الجلال والإكرام الذي أكرمنا بدين الإسلام ومنَّ علينا بنبينا محمد عليه التحية والسلام، وأنعم علينا بكتابه المفرق بين الحلال والحرام، والصلاة والسلام على حبيبه، وخيرته من خلقه محمد سيد الأنام، عدد ساعات الليالي والأيام، وعلى آله وأصحابه نجوم الظلام، وعلى جميع الأنبياء والملائكة البررة الكرام.
أما بعد:
فإن الله جل ذكره أرسل رسوله بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين، وبشيرًا للمؤمنين، ونذيرًا للمخالفين، أكمل به بنيان النبوة، وختم به ديوان الرسالة، وأتم به مكارم الأخلاق، ومحاسن الأفعال، وأنزل عليه بفضله نورًا هَدَى به من الضلالة، وأنقذ به من الجهالة، وحكم بالفلاح لمن تبعه، وبالخسارة لمن أعرض عنه بعد ما سمعه أعجز الخليقة عن معارضته وعن الإتيان بسورة من مثله في مقابلته، وسهل على الخلق مع إعجازه تلاوته، ويسر على الألسن قراءته، أمر فيه وزجر، وبشر وأنذر وذكر المواعظ ليُتذكر، وقص عن أحوال الماضين ليُعتبر، وضرب فيه الأمثال ليُتدبر، ودل على آيات التوحيد ليُتفكر، ولا حصول لهذه المقاصد فيه إلا بدراية تفسيره وأَعلامه، ومعرفة أسباب نزوله وأحكامه، والوقوف على ناسخه ومنسوخه، وخاصِّه وعامه، ثم هو كلام معجز وبحر عميق، لا نهاية لأسرار علومه، ولا درك لحقائق معانيه، وقد ألف أئمة السلف في أنواع علومه كتبًا، كلّ على قدر فهمه، ومبلغ علمه، (نظرًا للخلف) فشكر الله تعالى سعيهم ورحم كافَّتهم.
فسألني جماعة من أصحابي المخلصين، وعلى اقتباس العلم مقبلين: كتابًا في معالم التنزيل وتفسيره، فأجبتهم إليه، معتمدًا على فضل الله تعالى وتيسيره، ممتثلًا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فيما يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال: «إن رجالًا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرًا» واقتداء بالماضين من السلف في تدوين العلم إبقاء على الخلف، وليس على ما فعلوه مزيد ولكن لابد في كل زمان من تجديد ما طال به العهد، وقَصُر للطالبين فيه الجد والجهد تنبيهًا للمتوقفين وتحريضًا للمتثبطين.
فجمعت- بعون الله تعالى وحسن توفيقه- فيما سألوا كتابًا وسطًا بين الطويل الممل، والقصير المخل، أرجو أن يكون مفيدًا لمن أقبل على تحصيله مريدًا.
وما نقلت فيه من التفسير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حبر هذه الأمة، ومن بعده من التابعين، وأئمة السلف، مثل: مجاهد، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وقتادة، وأبي العالية، ومحمد بن كعب القرظي، وزيد بن أسلم، والكلبي، والضحاك، ومقاتل بن حيان، ومقاتل بن سليمان، والسُّدّي، وغيرهم فأكثرها مما أخبرنا به الشيخ أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي الخوارزمي، فيما قرأته عليه عن الأستاذ أبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي عن شيوخه رحمهم الله. اهـ.

.مقدمة القرطبي:

قال الشيخ الفقيه الإمامُ العالمُ العاملُ العلامةُ المحدّثُ أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري الخزرجي الأندلسيّ ثم القرطبي، رضي الله عنه: الحمد لله المبتدئ بحمد نفسه قبل أن يَحْمَده حامد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الربُّ الصّمَد الواحد، الحيّ القيوم الذي لا يموت؛ ذو الجلال والإكرام، والمواهبِ العظام؛ والمتكلمُ بالقرآن، والخالقُ للإنسان، والمنعمُ عليه بالإيمان، والمرسلُ رسولَه بالبيان، محمدًا صلى الله عليه وسلم ما اختلف الْمَلَوان، وتعاقب الجديدان؛ أرسله بكتابه المبين، الفارِق بين الشك واليقين؛ الذي أعجزت الفصحاءَ معارضتُه، وأعْيَت الألبّاءَ مناقضتُه، وأخرست البلغاءَ مشاكلتُه؛ فلا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظَهِيرًا. جعل أمثاله عِبَرًا لمن تدبّرها، وأوامره هُدًى لمن استبصرها؛ وشرح فيه واجباتِ الأحكام، وفرّق فيه بين الحلال والحرام، وكرر فيه المواعِظ والقصص للأفهام، وضرب فيه الأمثال، وقصّ فيه غيب الأخبار؛ فقال تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا في الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ}.
خاطب به أولياءه ففهموا، وبيّن لهم فيه مراده فعلموا. فَقرأةُ القرآن حَمَلَةُ سِرّ الله المكنون، وحَفَظَةُ علمه المخزون، وخلفاءُ أنبيائه وأمناؤه، وهم أهله وخاصّته وخِيرته وأصفياؤه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لِلَّهِ أهلِين مِنّا» قالوا: يا رسول الله، مَن هم؟ قال: «هم أهلُ القرآن أهلُ الله وخاصّته» أخرجه ابن ماجه في سننه، وأبو بكر البَزّار في مُسنده. فما أَحَقَّ مَن عَلِم كتاب الله أن يزدجر بنواهيه، ويتذكّر ما شُرِح له فيه، ويخشى الله ويتّقيه، ويراقبه ويستحييه. فإنه قد حُمِّل أعباء الرسل، وصار شهيدًا في القيامة على من خالف من أهل الملل؛ قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}.
ألا وإنّ الحجة على من علِمه فأغفله، أوكد منها على من قصر عنه وجَهِله. ومن أوتي علم القرآن فلم ينتفع، وزجرته نواهيه فلم يرتدع؛ وارتكب من المآثم قبيحًا، ومن الجرائم فضوحًا؛ كان القرآن حجةً عليه، وخَصْمًا لديه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القرآن حجة لك أو عليك» خرّجه مسلم. فالواجب على مَن خَصّه الله بحفظ كتابه أن يتلوه حق تلاوته، ويتدبّر حقائق عبارته؛ ويتفهّم عجائبه، ويتبيّن غرائبه؛ قال الله تعالى: {كِتَاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَك لِّيَدَّبَّرُوا ءَايَاتِهِ}.
وقال الله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ}.
جعلنا الله ممن يرعاه حق رعايته، ويتدبّره حق تدبّره؛ ويقوم بقسطه، ويوفي بشرطه، ولا يلتمس الهُدَى في غيره؛ وهدانا لأعلامه الظاهرة، وأحكامه القاطعة الباهرة، وجمع لنا به خير الدنيا والآخرة، فإنه أهل التقوى وأهل المغفرة. ثم جعل إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بيان ما كان منه مجملًا، وتفسير ما كان منه مُشْكِلًا، وتحقيقَ ما كان منه محتملًا؛ ليكون له مع تبليغ الرسالة ظهور الاختصاص به، ومنزلة التفويض إليه؛ قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}.
ثم جعل إلى العلماء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم استنباط ما نبّه على معانيه، وأشار إلى أصوله ليتوصلوا بالاجتهاد فيه إلى علم المراد؛ فيمتازوا بذلك عن غيرهم، ويختصوا بثواب اجتهادهم؛ قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}.
فصار الكتاب أصلًا والسنة له بيانًا، واستنباط العلماء له إيضاحًا وتبيانًا. فالحمد لله الذي جعل صدورنا أوْعِيَةَ كتابه، وآذاننا مواردَ سنن نبيّه؛ وِهمَمنا مصروفةً إلى تعلّمهما والبحث عن معانيهما وغرائبهما؛ طالبين بذلك رِضَا رب العالمين، ومتدرّجين به إلى علم المِلّة والدِّين.
(وبعد) فلما كان كتاب الله هو الكفيل بجميع علوم الشرع، الذي استقل بالسُّنّة والفَرْض، ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض؛ رأيتُ أن أشتغل به مَدَى عمري، وأستفرِغ فيه مُنَّتِي؛ بأن أكتب فيه تعليقًا وجِيزًا، يتضمّن نُكَتًَا من التفسير واللغات، والإعراب والقراءات؛ والردّ على أهل الزَّيْغ والضلالات، وأحاديثَ كثيرةً شاهدةً لما نذكره من الأحكام ونزول الآيات؛ جامعًا بين معانيهما، ومُبَيِّنًا ما أشكل منهما؛ بأقاويل السلف، ومَن تبعهم من الخَلَف. وعَمِلتُه تذكرةً لنفسي، وذخيرةً ليوم رَمْسِي، وعملًا صالحًا بعد موتي. قال الله تعالى: {يُنَبَّؤُا الإنسَانُ يَوْمَئِذ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ}.
وقال تعالى: {عَلِمَتْ نَفْس مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثٍ صدقةٍ جاريٍة أو علمٍ ينتفع به أو ولدٍ صالح يدعو له».
وشرطي في هذا الكتاب: إضافة الأقوال إلى قائليها، والأحاديث إلى مصنِّفيها؛ فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله. وكثيرًا ما يجيء الحديث في كتب الفقه والتفسير مُبْهَمًا، لا يَعرف مَن أخرجه إلا من اطّلع على كتب الحديث، فيبقى مَن لا خبرة له بذلك حائرًا، لا يعرف الصحيح من السقيم، ومعرفة ذلك علم جسيم، فلا يقبل منه الاحتجاج به، ولا الاستدلال حتى يضيفه إلى مَن خرّجه من الأئمة الأعلام، والثقات المشاهير من علماء الإسلام. ونحن نُشير إلى جُمَل من ذلك في هذا الكتاب، والله الموفق للصواب. وأضرب عن كثير من قَصَص المفسرين، وأخبار المؤرّخين، إلا ما لابد منه ولا غِنًى عنه للتبيين؛ واعْتضت من ذلك تبيين آي الأحكام، بمسائلَ تُسْفِر عن معناها، وتُرشِد الطالب إلى مقتضاها؛ فضمّنت كل آية لتضمن حُكمًا أو حكمين فما زاد، مسائلَ نبيّن فيها ما تحتوي عليه من أسباب النزول والتفسير الغريب والحكم؛ فإن لم تتضمن حُكمًا ذكرت ما فيها من التفسير والتأويل، هكذا إلى آخر الكتاب.
وسميته بـ (الجامع لأحكام القرآن، والمبيِّن لما تضمّنه من السُّنّة وآي الفرقان)، جعله الله خالصًا لوجهه، وأن ينفعني به ووالديّ ومن أراده بمنّه؛ إنه سميع الدعاء، قريب مجيب؛ آمين. اهـ.

.مقدمة الخازن:

قال عليه رحمة الله:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي خلق الأشياء فقدرها تقديرا، وصور شكل الإنسان فأحسنه تصويرا، ومنحه بالعقل وجعله سميعا بصيرا وشرفه بما عرفه به من العلم ونور قلبه تنويرا وهداه إلى معرفته فيا لها نعمة وفضلا كبيرا وأطلق لسانه فأذعن بشكره تحميد ا وتهليلا وتكبيرا وأرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى كافة الخلق بشيرا ونذيرا وأنزل عليه كتابا منبرا وأودعه حكمة وحكما وترغيبا وتحذيرا وألهم حفاظه تلاوة له وتحبيرا وعلم عباده علومه تفهما وتبصيرا وضرب فيه الأمثال ليزيل جهالة وتحبيرا أو جعله برهانا واضحا وصوابا لائحا ووفر فضله توفيرا في الصدور محفوظا وبالألسنة متلوا وفي الصحف مسطورا {يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} وجعل كل بليغ عن الإتيان بسورة مثله مثله حسيرا {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} (أحمده) على تواتر إنعامه حمدا كثيرا وأتوكل عليه مفوضا أمري إليه ومستجيرا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يغدو قلب قائلها مطمئنا مستنيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي كساه من فضله عزا ومهابة وتوقيرا صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه كما أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (وبعد) فإن الله جل ذكره ونفذ أمره أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله رحمة للعالمين وبشيرا للمؤمنين ونذيرا للمخالفين أكمل به بنيان النبرة وختم به ديوان الرسالة وأتم به مكارم الأخلاق ونشر فضله في الآفاق وأنزل عليه نورا هدى به من الضلالة وأنقذ به من الجهالة وحكم بالفوز والفلاح لمن أتبعه وبالخسران لمن أعرض عنه ندما سمعه عجز الخلائق عن معارضته حين تحداهم على أن يأتوا بسورة من مثله في مقابلته ثم سهل على عبادة المؤمنين مع إعجازه تلاوته ويسر على الألسن قراءته أمر فيه وزجر وبشر وأنذر وذكر المواعظ ليتذكر وضرب فيه الأمثال ليتدبر وقص به من أخبار الماضين ليعتبر ودل فيه على آيات التوحيد ليتفكر ثم لم يرض منا بسرد حروفه دون حفظ حدوده ولا بإقامة كلماته دون العمل بمحكماته ولا بتلاوته دون تدبر آياته في قراءته ولا بدراسته دون تعلم الحقائق وتفهم دقائقه ولا حصول لهذه المقاصد منه إلا بدراية تفسيره وأحكامه معرفة حلاله وحرامه وأسباب النزول وأقسامه والوقوف على ناسخة ومنسوخه في خاصة وعامة فإنه أرسخ العلوم أصلا وأسبغها فرعا وفصلا وأكرمها نتاجا وأنورها سراجا فلا شرف إلا وهو السبيل إليه ولا خير إلا وهو الدال عليه وقيض الله تعالى له رجالا موفقين وبالحق ناطقين حتى صنفوا في سائر علومه مصنفات وجمعوا سائر فنونه المتفرقات كل على قدر فهمه ومبلغ علمه نظرا للخلف واقتداء بالسلف فشكر الله سعيهم ورحم كافتهم ولما كان كتاب معالم التنزيل الذي صنفه الشيخ الجليل والحبر النبيل الإمام العالم الكامل محي السنة قدوة الأمة وإمام الأئمة مفتى الفرق ناصر الحديث ظهير الدين أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي قدس الله روحه ونور ضريحه من أجل المصنفات في علم التفسير وأعلاها وأنبهها وأسناها جامعا للصحيح من الأقاويل عاريا عن الشبه والتصحيف والتبديل محلى الأحاديث النبوية مطرزا بالأحكام الشرعية موشى بالقصص الغريبة وأخبار الماضيين العجيبة مرصعا بأحسن الإشارات مخرجا بأوضح العبارات مفرغا في قالب الجمال بأفصح مقال فرحم الله تعالى ومصنفه وأجزل ثوابه وجعل الجنة متقلبة ومآبه ولما كان هذا الكتاب كما وصفت أحببت أن أنتخب من غرر فوائده ودرر فرائده وزواهر نصوصه وجواهر فصوصه مختصرا جامعا لمعاني التفسير ولباب التأويل والتعبير حاويا لخلاصة منقولة متضمنا لنكتة وأصوله مع فوائد نقلتها لخصتها من كتب التفاسير المصنفة في سائر علومه المؤلفة ولم أجعل لنفسي تصرفا فاسوى النقل ولا انتخاب مجتنبا حد التطويل والإسهاب وحذفت منه الإسناد لأنه أقرب إلى تحصيل المراد فما أوردت فيه من الأحاديث النبوية والأخبار المصطفوية على تفسير آية أو بيان حكم فإن الكتاب يطلب بيانه من السنة وعليهما مدار الشرع وأحكام الدين عزوته إلى مخرجه وبينت اسم ناقله وجعلت عوض كل اسم حرفا يعرف به ليهون على الطالب طلبه فما كان من صحيح أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري النيسابوري فعلا منه وما كان مما اتفقا عليه فعلا منه وما كان من كتب السنن أبي داود والترمذي والنسائي فاني أذكر اسمه بغير علامة وما لم أجده في هذه الكتب ووجدت الغوي قد أخرجه بسند له انفرد به قلت روى البغوي بسنده وما رواه البغوي بإسناد الثعلبي قلت روى البغوي بإسناد الثعلبي وما كان فيه من أحاديث زائدة وألفاظ متغيرة فاعتمده فإني اجتهدت في تصحيح ما أخرجته من الكتب المعتبرة عند العلماء كالجمع بين الصحيحين للحميدي وكتاب جامع الأصول لابن الأثير الجزري ثم إني عوضت عن حذف الإسناد شرح غريب الحديث وما يتعلق به ليكون أكمل فائدة في هذا الكتاب وأسهل على الطلاب وسقته بأبلغ ما قدرت عليه من الإيجاز وحسن الترتيب مع التسهيل والتقريب وينبغي لكل مؤلف كتابا في فن قد سبق إليه لا يخلو كتابه من خمس فوائد استنباط شيء كان معضلا أو جمعه إن كان متفرقا أو شرحه إن كان غامضا أو حسن نظم وتأليف أو إسقاط حشو وتطويل وأرجو أن لا يخلو هذا الكتاب عن هذه الخصال التي ذكرت وسميته (لباب التأويل في معاني التنزيل) والله تعالى أسأل التوفيق لإتمام ما قصدت وإليه أرغب في تيسير ما أردت وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن يتقبله مني إنه هو السميع العليم وهو حسبي ونعم الوكيل عليه توكلت وإليه أنيب. اهـ.